الحجاب هو إجراء وقائي
ووفقا لتقرير قسم العلاقات العامة للمجمع العلمي العالي للثقافة والفكر الإسلامي، ومن أجل تحليل الآثار الفردية والاجتماعية للحجاب من منظور القرآن، أجرت وكالة مهر للأنباء حوارا مع حجة الإسلام محمد عبيدي، عضو اللجنة العلمية بقسم الدراسات القرآنية بالمجمع، والتي سبق نشره هنا.
في الجزء الأول من هذا الحديث، ذُكر أن مسألة الحجاب في القرآن هي جزء من هندسة عظيمة لصيانة البيئة الاجتماعية حتى يتمكن المواطنون وخاصة النساء من الاستفادة القصوى من الحق في الحرية في الأنشطة الاجتماعية.
ولتوضيح هذا الأمر لابد من الانتباه إلى منطق القرآن في الحجاب. الحجاب “جزء من مجموعة” من الآليات الإسلامية لضمان بقاء كل عنصر من العناصر المنظمة للبيئة الشخصية والأسرية والبيئة الاجتماعية ضمن نفس الحدود وعدم تعطيل وظائف الأسرة أو المجتمع بدخول بيئة أخرى . ولذلك فإن الحجاب في القرآن الكريم جزء من هندسة عظيمة.
وقيل أيضاً: للرجال طرق في كثير من الآيات، من غض البصر إلى غيرها. القرآن واقعي وليس مثاليا. أي أنه يعلم أنه على الرغم من الواجب تجاه المؤمنين، إلا أن بنية خلقهم قد لا تكون قادرة على السيطرة على أنفسهم (عليهم واجب السيطرة على أنفسهم) وقد يظلون يفقدون السيطرة على أعينهم، لذلك إنه غير راضٍ عن هذا، وفي حزمة واقعية تمامًا، يطلب من الرجل أن يغض عينيه ومن المرأة أن تستر جسدها.
وفيما يلي الجزء الثاني من مقابلة وكالة مهر للأنباء مع حجة الإسلام محمد عابدي:
ما هي فلسفة هذه التعليمات القرآنية للنساء والرجال فيما يتعلق بالحجاب؟
هناك مغالطة يرتكبها بعض الكتاب، وهي أن هذه النظرة هي نتيجة التشاؤم تجاه الرجل أو المرأة. وخاصة في الفضاءات الافتراضية، هذه الأمور تغذي أن التوصية بالحجاب مرض يصيب عقول الناس أو الرجال، والذين لديهم عقدة جنسية أنفسهم يبحثون عن هذه القضية ويعتبرون الجميع على طبيعتهم.
وحتى في هذا السياق، فإنهم يسيئون إلی رجال الدين و العلماء في أجواء العالم الافتراضية غير المقيدة تقريبًا. لكن الحقيقة أن طريقة التعامل مع الحجاب لم تتشكل في مثل هذا الجو الفكري. بل هي آلية اجتماعية قدمها الله الخالق المطلع على خصائص الإنسان عامة وكل رجل وامرأة خاصة، إلى الإنسان على شكل مهمة. وقد رأيت أن القرآن قبل “وضع الحجاب” أمام فئات معينة فقط كاستثناء، وهذا يعني أن الأغلبية وأغلبية المجتمع والبنية البشرية على هذا النحو أن هناك حاجة للستر والحجاب أمامهن، وذلك لوجود طبيعة ومخبر بالصفة المشتركة والغريزة، ولهذا تم حجب مبدأ الوجوب واستثناء حالات خاصة منه.
هل يمكن أن نفهم أن هذا النظام الاجتماعي مصمم للحيلولة دون وقوع الآفات الأكبر؟
وفي الآية 30 من سورة النور تم النظر في الحجاب أمام الأجانب، وفي الآية 59 من سورة الأحزاب تم توضيح مشكلة أصحاب الشهوات. ومن الواضح أنه من الناحية العملية فإن عدد الذين يسعون بالفعل إلى انتهاك خصوصية الآخرين يكون دائماً عددا قليلاً، ولكن هذا العدد رغم كونه صغيرا لكنّهم يستهدفون نساء مجهولات وغير محددات، ويكون من الممكن الاعتداء على أي شخص بسببهم فإن مقتضي القانون العقلاني لضرورة تجنب الخطر هو أن غض البصر يجب أن تشمل الجميع، خطورة هذه الفئة الصغيرة في حرمان المرأة من حريتها إلی درجة أوجب القرآن أن تكون المرأة نشيطة توجيه أعين الرجال، ويريد من المرأة أن توجه عيون الرجل إلى أجسادهن والملابس التي يرتدنها لإرسال رسالة دفاعية من خلال إدارة ملابسهن وأجسادهن و مظهرهن.
وبالطبع فإن الملفات في محاكم الأسرة وتعدد أنواع المعتدين تبين أن التشخيص العملي لأصحاب الشهوات وغيرهم هو مشروع تفصيلي ومشكلة كبيرة، والوقاية أسهل وأقل تكلفة، والحجاب إجراء وقائي.
و ينبغي الدقة في أننا أكدنا على أن الحجاب ما هو إلا إحدى أدوات ضمان حرية الأنشطة الاجتماعية للمرأة وأحدی الأدوات الاجتماعية لصحة البيئة الاجتماعية للرجل، ومن المؤكد أنه لن يجدي نفعا من دون الاهتمام بالآليات السابقة واللاحقة.
لماذا أصبحت قضية الحجاب قضية مهمة اليوم؟
إذا نتحدث اليوم عن الحجاب ، فلا ينبغي لنا أن نعتبره إضفاء الطابع الرسمي على الترتيب الخاطئ للأولويات لمشاكل البلاد. وبطبيعة الحال، فإن هذا الموضوع له نطاق طويل. على سبيل المثال، فإن تشابك القضايا الثقافية والاقتصادية ليس بالأمر الذي يمكن إنكاره. لذلك، من أجل تعزيز الحجاب، ينبغي الانتباه إلى الآثار الاقتصادية وما شابه ذلك، ويجب أن تتم هذه العملية في نفس الوقت. وقد جعل المقنّن في وقت من الأوقات مُرفقا ثقافيا للشؤون الاقتصادية والصناعية وغيرها و أظهر مرور الزمن أنّه عموما يتم إعداد هذه المرفقات كدراسة شكلية وسطحية ومع القليل من الدراسات السطحية لحل المهمة و تسريع جذب الميزانية والإمكانيات، ولا يمكن أبداً أن يتم ذلك مع مثل هذا الوضع الذي يجب أن يوفر أهدافاً عظيمة في مجال الحجاب وهندسة العفة وثقافة وأعراف المجتمع الديني.
ومن الآليات «إعداد نظام الأولويات» يمكن في ظله مكافحة الفساد الاقتصادي والاجتماعي. يجب أن يكون جهاز التفكير والإعلام للنظام قادراً على أن يظهر لشعبه بطريقة حقيقية أن الحكومة منشغلة ببذل الجهود والفعّالية في جميع المجالات التي يكون فيها أولوية الشعب،وليست أولويتها الوحيدة الحجاب.
في الحرب الإعلامية والحرب المعرفية اليوم، من المهم أن يتمكن النظام من شرح الأولوية الحقيقية للحجاب لمواطنيه، فمن الضروري صناعة المحتوى في مجال الحجاب وإنتاج وتعزيز فلسفته التحررية للمرأة بشكل خاص.
وما هو الواجب تجاه هجوم الأعداء على قضية الحجاب وقضايا المرأة؟
وكما أكد سماحة السيد القائد للثورة الإسلامية، في موضوع المرأة، فإن الجمهورية الإسلامية ليست مدينة للنظام الدولي الذي دمر كرامة المرأة، لذلك لا بد من الخروج من الوضع الدفاعي ومحاربة الأعداء الذين يهاجموننا يحاولون بناء على وجهات نظرهم من الإنسانوية أو الليبرالية والمعادية لله، والإلحاد أن يجعلوا من الحجاب ما هو “غير مفهوم” لنسائنا وبناتنا؛ و الذي یکون “غير مبرّر من الجهة العقلانية”؛ و… دعونا نقف ثم نجعل الأمر مفهومًا ومبررًا لمواطنينا. إن جيل الشباب الذي يتعرض لهجوم ضباط الحرب الناعمة الغربيين والشرقيين منذ أكثر من أربعين عاماً بسبب إهمال بعض المسؤولين الثقافيين في سنوات مختلفة ووسائل الإعلام، لا يمكن إقناعه وإسكاته بلغة الأمر والواجب.
في عالم اليوم، أنتم نتحدث مع بعض الفتيات في هذا البلد، وهم لا يعرفون لماذا يجب أن يكون هناك حجاب؟ ولا ينبغي لنا أن نُلقي اللوم علی الناس لقلة نشاطنا الإعلامي والفكري. وفيما يتعلق بالقضايا الثقافية والحجاب بشكل خاص، نحتاج إلى تشكيل دوائر لمعالجة عدم أداء المسؤولين لواجباتهم منذ بداية الثورة وحتى اليوم. وعلى ما قلت، يبدو أننا ربما نحتاج إلى مسؤولين ثقافيين واجتماعيين أذكياء يقضون نفس القدر من السنوات لإعادة المواطنين إلى طريق الإسلام. وللأسف أصبحت قصة الحجاب مثل قصة المرور التي لها مائة شرطي وكلهم يتلقون الميزانية، ولكن عندما يأتي يوم الحساب ينسحبون جميعا ويبحثون عن المقصّر في الكواكب الأخرى من السماء. خلال السنوات الماضية، هل شهدتم ولو حالة واحدة تعرَّض فيها الجهاز الذي يتلقى الميزانية الثقافية منذ بداية الثورة وحتى الآن لتوبيخ شديد لعدم كفاءته فيما يتعلق بالحجاب؟
الكلمات الدلالية المجمع العلمي العالي للثقافة والفكر الإسلامي، حجاب القرآن، محمد عبيدي