حسب تقریر نشره قسم العلاقات العامه للمجمع العالی للثقافه والفکرالإسلامی کتب عضو الهیئه التدریسیه فی قسم دراسات الثوره الإسلامیه فی المجمع العالی للثقافه والفکرالإسلامی فی مذکره له بشأن المشارکه الشعبیه وانعکاسها علی رفع مستوی جوده الحکم للبلد فی ظل الظروف المعقده التی تمر بها:
شدد قائد الثوره مراراً وکراراٌ ولاسیما فی لقائه مع الطلاب والطالبات الریاضیین الحائزین علی المیدالیه علی أنّ مبدأ مشارکه الشعب فی الانتخابات تفوق أهمیتها أهمیه الفائز فی المنافسه الانتخابیه وهذه الرؤیه رؤیه عقلانیه ومنطقیه تماماً کما أنها تلائم مقتضیات العصر والظروف الراهنه للبلد.
أحاول خلال هذه المذکره وفی إطار الفلسفه السیاسیه تسلیط الضوء علی الأسباب المهمه التی أدت بنا إلی منح الأولویه لـمبدأ “المشارکه الشعبیه الواسعه” على حساب “الفائز فی التنافس الانتخابی”.
للوقوف علی أهمیه المشارکه الشعبیه الواسعه وقیمتها أمامنا تصوران افتراضیان:
التصور الأول مبنی علی أن لا یکون عندنا نظام انتخابی على الإطلاق ولا یملک حق انتخاب الرئیس سوى فئاه الشباب الثوریین والنخب والمتخصصین فی الجامعات والحوزات العلمیه وکذلک النخب الاقتصادیه والسیاسیه والثقافیه وعلماء النفس والمتوقع فی مثل هذه الحاله أن یتم انتخاب الأکثر التزاماً بالدین وخبره من بین المرشحین
التصور الثانی مبنی علی أن تجری الانتخابات بمشارکه عامه الشعب بحیث تزید نسبه المشارکه عن ۹۰% بحیث یکون الرئیس ثمره انتخاب جمیع أفراد الشعب على اختلاف مستویات ثقافتهم ووعیهم وعواطفهم وانتمائهم السیاسی فطبعا فی هذه الحاله معظم الأشخاص الذین یشارکون لیسوا من أصحاب الرأی وذوی الخبره وقد لایکون انتخابهم صائباً وعلی المستوی المنشود لاسیما أن الشعب قد یصوت تحت وطأه العواطف والانفعالات بتوجیه من وسائل الإعلام وعادتاً فی هذه الحاله لا یتم انتخاب الشخص الأکثر خبره ونزاهه وتقوى وهنا یطرح سؤال وهو:
ما هو التصور الأفضل للبلاد؟ ومن هو الرئیس الذی ینجح لإداره البلاد بشکل أفضل؟
فإن طرحنا هذا السؤال على أفلاطون أو الفارابی فإنهما سیختاران التصور الأول لامحاله لأنهما یعتقدان أن إداره البلاد یجب أن تمنح للأفضل ولا یملک جمهور الشعب الأهلیه الکافیه لانتخاب الأفضل
لکن ما یبدو لی أن قائدی الثوره الإسلامیه الإمام الخمینی والإمام الخامنئی یؤمنان بالتصور الثانی وخیر دلیل علی ذلک أصرارهما على ضروره المشارکه الشعبیه الواسعه فی انتخاب رئیس السلطه التنفیذیه للبلاد والأسباب التی تدعونا إلی اعتبار هذا الرأی هو الأصح واعتبار الشخص الذی یتمتع ب”شعبیه أوفر” أکثر نجاحاً من الشخص “الأفضل” أی الأکثر خبره وکفاءه وتقوى فی إداره البلاد هی کما یلی:
۱-اتخاذ القرارات فی المواقف المعقده:
یسهل عملیه اتخاذ القرارات فی المجتمعات البسیطه وغیرالمعقده ویقدم الخبراء حلولاً فعاله من خلال دراسه الجوانب المختلفه من القضیه لکن فی الحالات المعقده والفوضویه فتکون العوامل المؤثره بحیث لا یمکن إیجاد الحلول بلاعتماد على المناهج المتداوله والخبرات العادیه وفی هذه الحالات فإنّ أفضل طریقه لحل المشکلات ومعالجه التحدیات هی إیجاد حلول بدیعه وخلق آلیات جدیده ومبتکره وتحقیق هذه الحلول والآلیات یتطلب وعیاً دقیقاً وفهماً میدانیاً للمشکلات والتحدیات والقدرات المتوفره فی المجتمع وإنّ الشخص ذات الشعبیه الأوفر هو أکثر تلائماً مع الرأی العام وظروف المجتمع وهو الأقدرعلی استیعاب الظروف المعقده للبلاد بینما أن الشخص الخبیر والتقی قدیکتفی بعلمه الأکادیمی وأن استیعابه لایتعدی إطار فهمه الضیق من الظروف و من الواضح أن المشارکه الواسعه تساعد الشعب على اختیار الشخص الذی یتمتع بأکبر قدر من القرب والألفه من فهمهم ووعیهم العقلی، نعم قد لایکون المرشح المنتخب بالضروره هو الأفضل والأجدر؛ لکنه بالتأکید یکون الشخص الأکثر قبولًا و ذات الشعبیه الأوفر وقد تمکن الناس من التفاعل معه أکثر من غیره فبالتالی کلما زاد عدد المشارکین کان هذا الشخص أقرب إلى روح عامه الشعب ومستوى فهمهم لذلک کلما زاد عدد الأصوات التی یحصدها هذا الشخص کلما کان أکثر توافقًا مع الجمهور وتمکن من معرفه مالدی الشعب ومطالبهم معرفه أفضل.
۲- استقطاب المزید من الدعم والمشارکه الشعبیه:
لقد تزایدت مشکلات وتحدیات البلاد لدرجه أن حلها والتصدی لها یکاد یکون خارج مقدره الحکومات ولا یمکن لأی شخص مهما کان قادراً وواعیاً أن یتغلب علی هذه التحدیات الضخمه وحیداً ومما لا شک فیه إن حل مشکلات مجتمعنا الیوم رهن لتعاون الناس ومشارکتهم وبالتالی فلیس فی مریه أن الرئیس الذی یرید حل المشکلات بالاعتماد على خبرته وقدرات مدیری الحکومه سیصاب حتماً بالإحباط وخیبه الأمل فالرئیس الذی یعی حاجته إلى مشارکه الشعب هو الأقدر علی سیطره ألامور والقیام بحلها بالتالی فإن کان الشخص المنتخب من قبل الشعب قد حصد قدراً کبیراً من الأصوات فهذه المیزه تمکنّه من ألاستعانه بدعم الشعب ومشارکتهم فی النهوض ببرامجه خلال فتره رئاسته فی حین أن انخفاض عدد الأصوات، حتى لو أدى إلى انتخاب الأفضل من المرشحین فلا یسعنا أن نضمن استمراریه دعم الشعب له وبعباره أخرى فإن نسبه المشارکه العالیه فی الانتخابات هی مؤشره على المشارکه الفعاله للشعب خلال فتره الرئاسه الأمر الذی تؤدی إلى تعزیز مستوی الثقه المتبادله بین الشعب والحکومه و “رأس المال الاجتماعی” الذی یعتمد على الثقه المتبادله بین الشعب والحکومه یمثل مصدر قوه لایمکن بوجه من الوجوه مقارنته بأی مصدر قوه آخر.
- تکوین العقلانیه الجماعیه:
یقول مولانا جلال الدین البلخی ما مضمونه “إن العقل یتقوی بالعقول الأخرى…” کما یقول : “الاستشاره تمنحک الفهم والوعی / والعقول تساند بعضها البعض” إنه لمبدأ معترف به أن التشاور یؤدی بنا إلی اتخاذ أفضل القرارات ومن الواضح أن تفکیر أی شخص لایخلو من نقاط ضعف وأنه یتأثر بالتعصبات والعواطف وفی حال استشاره الشخص الآخرین فإن نقاط الضعف التی تعتریه بفعل التعصبات والعواطف الفردیه عند الأشخاص تتعوض بنقاط القوه والمنطق لدى الآخرین ولاجدال أن ثمره هذا القرار الجماعی عقلانیه شامله بالتالی فکلما زاد عدد الأشخاص الذین یتم الاستشاره بهم قل احتمال تأثیر التعصبات والعواطف على عقلانیته وبالتالی إذا کان الرئیس المنتخب نتیجه تشاور۶۰ ملیون شخص فلا بد أن یکون اختیاره أفضل من الرئیس الذی یتم اختیاره نتیجه تشاور ۲۰ ملیون شخص لأنه فی مثل هذه الحاله التفکیر المبذول فی هذه القضیه یکون ثلاثه أضعاف کما أن الجهد الفکری الذی یبذل فیه بغیه انتخاب أفضل الخیارات یکون ثلاثه أضعاف.
وفی هذه الحاله نرى أن “الکمیه” تتحول إلی “الجوده” نتیجه لذلک فالشخص الذی یتم اختیاره فی عملیه مشارکه انتخابیه عالیه هو الأفضل لإداره البلاد وأنه سیتخذ أفضل القرارات؛ حتی لو لم یکن الشخص الأکثر خبره وتقوى.